كثير منا من ينتظر هبة رياح قوية في حياته حتى يبدأ بالعمل، والحقيقة بأن السلم يبدأ من أولى درجاته المخفيه والتي لا يراها أحد. السعي الحقيقي يبدأ من المتاح يبدأ من المكان الذي أنت فيه والذي زرعك الله فيه، ومن درجات السلم التي قد لا يراها الا الله.
أما الدرجة الاخيرة من السلم والتي لا تستطيع الوصول إليها قفزاً متجاهلاً الدرجات الاولى منه فهي التي فقط يراها الناس.
قرر اي الدرجات تريد أن تتاجر بها، وتأكد بأن لا أحد وصل قفزاً، فكل تجربة وكل مكان أنت عليه الان ما هو الا درجة خفية من درجات ذاك السلم والتي تعدّك وتطورك للقادم. فلا تلعن أي مكان أنت فيه الآن لأنه الطريق الذي سيوصلك تدرجياً للقادم.
هل لا تزال تتذكر بأن لا أحد ممن سبقك قد وصل قفزاً، وأن كل تجربة عبروا بها كانت بمثابة المعلم لهم تشحذهم همة وقوةً للخطوة التي تليها، هكذا حتى تجتمع كل الدرجات لتقذف بك نحو الدرجة البراقة التي يراها الناس ولا يعلم أحد حقيقة ما جرى خلفها إلا أنت وربك. أظهر جزءاً من ماضيك للعوام حتى يتفعل الذكر لديهم وتكون قد أعنتهم ليبصروا أجزاء من الحقيقه كاملة. كن عوناً لاخوانك ظد شياطينهم التي تركز في أذهانهم على الصورة البراقة فقط، متجاهلين بأن الشجرة لا تنموا قبل غرس جذورها في الأرض ثم يمتد ساقها وأغصانها وأوراقها وثم ثمارها. ومن هذه الثمار من طعمه طيب ومنه من هو خبيث وهذا يعتمد على التربة التي غرست فيها وعلى المياه التي سقيتَ بها، فربما بعد عناء انتظار الثمار أن تكون ثماراً خبيثة يجتثها الله، فاعمل صالحا تجزى ثماراً صالحةً طيبةً.
لا تتخيل أن الله يسقى شجرةً تخرج ثماراً خبيثه ولكنها ستنمو بقوانين الطبيعة بشكل فطري، القوانين التي وضعها الله والتي تحمي قوانين المشيئة، فعندما أعطاك الله المشيئة وسخر لك كل ما يخدمك لتفعيل هذه المشيئة، فليس من عدل الله أن يشاء الله عنك.
إذا كانت مشيئتك في مسارها الصحيح وكان غرسك طيباً فتخيل إذا سقاه الله كم من الوقت يحتاج حتى يخرج ثماراً. فيد الله عندما تتدخل في شئ تباركه وتسرع وتظمن من نتائجه.
ما عليك إذاً إلا اختيار أصلح الثمار وأصلح تربة، وأن تسقيها بنوايا جيدة تسير في أفلاك الله متناغمة مع روح الوجود وليس عكسه. ولا تنتظر ثمارا ستقدم لك على طبق من ذهب دون عناء بأمر من الله. وأول الثمار ستبدأ بتلك المشاعر التي تغذيها القيمة العليا والتي تسير بفلك الله ونحو الله. تلك اللذة التي تعيش على رمقها يوماً بعد يوم لحظةً بلحظه هي الذ بكثير من طعم الثمار بل انك عندما تتذوق الثمار إن كان سعيك مشكوراً فمن أول قطمة من تلك الثمار ستعلم بل ستتذكر بأن طعمها قد تذوقته من قبل وأنه لا يزيد بشئ عن طعم تلك المشاعر السامية التي عشتها على أمل تذوق الثمار.
انت من يختار ان يملئ نفسه بلذة المشاعر وبجهد وسعي حقيقي مستمتعاً بتلك المشاعر كأنك تتذوق الثمار أم تختار أن تسعى بكد وتعب دون مشاعر طيبة تطبطب بها على نفسك، تشحنك جمالاً واتساعاً وقدرة على التحمل، لتصل الى تلك الثمار بكل يسر وسهولة.
لن يغنيك إغلاق عينيك وانسداد أذنيك عن رؤية وسماع الحقيقة. مهما هربت من وقع الخارج فلن تَخفى وقع المعارك التي تحدث في داخلك. كم مرة هربت هنا وهناك وكنت تعتقد بأنك ماهر في تجاوز العقبات، ولكنك ما إن تاخذ نفسك ظاناً بأنك انتهيت حتى تكتشف بانك كنت تحملها في داخلك أي المعارك وأنت لا تعلم. فتعاود الفرار مرةً أخرى، ستبقى مطارداً حتى تقتنع بأن الحرب الأولى هي في داخلك وإن أسكتها فقد أسكت حروب الأرض أجمع. اقبلها مني بكل حب، وأولي اهتماماً كبيراً لتلك المعارك الداخلية قبل أن تخرج منك لتحارب كل ما هو خارج عنك.
لقد أخطأنا في حساب الوقت وتعلقنا به، وكان حصر الوقت بساعة ذات تكات جعل من الوقت حبيس الأرقام.
ولكنه في الحقيقة لا زمان ولا مكان ولا نتيجة مطالب بها. وإنما تناغم وانسجام مع كل معطيات الحياة. وعشق لذرات الشمس. وسكون الليل. هذا هو الوقت الذي نحتاج أن ندركه لنعيش جميع أجزائه.فالماضي والمستقبل كلهم حاضرون في هنا والآن. وهذه كينونة الوقت .. في هنا والآن.
أنت الوحيد الذي يبقى معك في عتمة الليل وبعد انطفاء الأضواء. فهل تريد أن تبقى مع نسخة مشوهة منك أم تريد أن تبقى مع نسخة متزنة متعافية متصالحة تعطيك الأمان والحب والتقبل، تداوي جراح نهارك، وتزداد بها طاقةً تعينك على يومك القادم. انهض وشيّد من ركام الحجارة التي فوقك صرحاً تستضيف فيه من يحتاج إلى خبرتك، انهض من أجل نفسك. اذا لا زلت تتنفس فأنت على قيد الحياة لذلك انهض.
لقد كانت تراودني تلك الأحاديث وأنا قابع في عقر المشاكل والآلام والظلمات .. كنت أتحدث الى الله وأسئله ما شكل النور وما لون الحياة فيها .. لأني لم أكن أتخيل بوجود إحتمالات أخرى غير التي كنت أعيش .. وأما قد رأيت النور وعبرت الظلمات .. فأستطيع القول بأن الوصول يستحق عناء المشوار ..
وفي حبك خالقي أذوب من جمال اللامحدودية والحب الذي غمرتني به بلا شروط .. حتى وأنا في بطن حوتي أتلوى من ذنوبي وأتجرع ظلماتها ولكنك أحببتني وأمسكت بيدي وقدتني إليك .. ومن غيرك يفعلها .. إنك لاله حق وأنا أختار أن أعبدك بحب ..
مهما قلت في عشقي لك ستبقى كل الكلمات جافةً إن لم تروها بماء الحب منك .. خالقي وفي عشقي لك محدودة لأن عشقك لي استلني مني إليك.. فأنى لي أن أقول أني فعلتها، لأنك أنت الذي فعلتها وأهديتها لي بنور الحب المتدفق الذي تحب به خلقك بلا حدود ولا شروط.. فأنى لي أن أشكرك وألا أنثر هذا الحب هنا وهناك على جميع خلقك ..
وفي حبك خالقي يذوب سحر الكلمات ويبقى الحب خالداً سرمدياً كما هو حال نفخة الروح منك خالدة سرمدية ترقص على ايقاع كينونتها فرحةً بحالها وجمالها لأنها قطرة من حب .. فاذا كانت هذه القطرة بهذا التأثير فما حال ينبوعها الذي يتدفق حباً سرمدياً خالدا لا ينضب .. أحبك وكفى .. وأعلم بأن حبي لك تحصيل حاصل لأنك أنت الذي بدأت الحب والعشق فأنى لي أن أقابلك بالمثل ولو كان محدوداً بنظر بشري تجسد ليمثل تلك القطرة .. أحبك وأنى لي أن أحبك وأنت الذي بدأت الحب والعشق آنفاً..
ساهنئك.. لأنه إعتراف واضح وصريح على استلام مسؤولية حياتك.. وأنك امتلكت من الحكمة الحظ الوفير ما يجعلك تفضل سلامك الداخلي على ردت فعل قد تكلفك خسارتها ..
وما ردود الأفعال إلا انعكاس واضح لأحكامك التي تضعها على كل ما حولك وأولهم نفسك. تعتبر الأحكام كالنظارات التي نلبسها فنرى فيها واقع حياتنا، فلا تستغرب إن رأيت واقعك بشع بعض الأحيان، لأنها نتيجة تلك النظارات التي تعتنقها. وهذه إشارة لك لتعود فيها إلى باطنك لتستخرج كل هذه النظارات لتعود وترى الحياة على فطرتها كما خلقها ربها وكما أراد لها أن تكون بعيداً عن نظاراتك التي ترى من خلالها.